[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
- غياب الوردة الحمراء وردة حمراء , خلف الأذن اليسرى ، و فنجان قهوتها ، و فله بلدية في صحن الفنجان ..
و كأن ثلاثين سنة , لم تكن قد مرت من عمرها ، و هي تعيش حالة من ذكريات الصبا التي عادت إليها ، و هي تتابع حلقات مسلسل تلفزيوني يحكي سيرة العندليب ، و كأنها أمامه اليوم كما كان و كانت ..
تهيم به حبا ، و تقتني كل جديد له ، و تحتفظ بصوره على وريقات كراساتها , بعد أن تذيلها بأبيات غناها ، و عاشت معها ذهولا عن الدنيا…
سنين من عمرها قضتها , و هي تبكي شبابه الغائب ، و تذكر أيامها الحلوة ، و هي تعيش نجاحه ، و قلبها الفتي يخفق لصوته الأنيق .
و كم كانت تفخر , لأنها أورثت بناتها حب ما قال ، و غنى ، و ترفعت بذائقتهن عن الطرب الرخيص .
و حتى حينما حاولت أن تشق لها طريقا بين الصالحين ، و أن تعكف على تلاوة القرآن الكريم ,أمر واحد ما زالت تعاني ولعها به ، و حبها له ، و تسأل الله أن يكف يدها عن مكتبتها , التي جمعت فيها اسطوانات , و صور , و كتب تحكي سيرته ، و حبها له .
و بين الحين , و الحين كنت تراها مع صوته ، ووردة حمراء خلف الأذن اليسرى ، و فنجان قهوتها ، و فله في صحن الفنجان …
تابعت حلقات المسلسل بشغف ، و ألغت كل المواعيد ، و سرور وردتها الحمراء كبير بخروجها من صندوق الموزاييك ، و جلوسها مجددا مع رشة عطر خلف الأذن اليسرى ، رغم بعض التجاعيد ..
و كلما حان موعد العرض , عاد البريق إلى عينيها ، ووردة حمراء خلف الأذن اليسرى.. و فنجان قهوتها.. و فلّة بلدية في صحن الفنجان .
أَمرٌ ما في سيرتهِ أخفى ذاك البريق …
و تصرفٌ ما - قامَ به – غيّب الوردة الحزينة في صندوق الموزاييك…
و اكتشافها لصفاتٍ في شخصه ، رَحمَ الفل البلدي من الموتِ في صحن الفنجان …
أغلقت المكتبة حينها بإحكام …
و جاءت الحلقة الأخيرة , لتبحث ، و تسأل عنها ، و عن وردة حمراء خلف الأذن اليسرى ، و فنجان قهوتها ، و فلة بلدية في صحن الفنجان .
نشرت تحت تصنيف
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] |
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
كانت عقارب السّاعة تقترب من العاشرة مساءً، عندما جلست زينة إلى حاسوبها , و أدارت زرّ التشغيل مُسرعة ، لتشهد وصول تلك الرّسالة اليوميّة إلى بريدها الإلكتروني ، كانت تدهشها تلك الدّقة في وصولها اليومي .
لم تكن تعيرها اهتماما في البداية , و ربما حذفتها مرارا دون أن تفتحها ، و لكن عنوانها الموحد ووصولها في تمام العاشرة مساء كل يوم ، جعلها تتنبه لها , و قد كتبت في خانة المرسل (مجهول).
بضعة أبيات من شعر ابن زيدون ، و وردة ، كانت كل ما تحمله تلك الرسالة الالكترونية .
لم تعد تمتلك تلك التقطيبة التي قابلت بها الحرف و الصورة في البداية ، بل بدأت تلمح ابتسامة على محياها عندما يلتقي بصرها بما تحمله من حروف وورود .
و لم تحدّثها نفسها بالرد على (مجهول) هذا ، مرة واحدة فقط رأت أن تخبره أن رسائله تصل بريدها ربما من باب الخطأ , ثم تجاهلت الأمر .
- من هو هذا المجهول يا ترى ؟
أهو شاب أو فتاة أخطأ إلى بريدها الخطا ؟
أتراه سمج يريد اختبار قوة احتمالها ؟
لا بأس فلديها من القدرة على الصّبر و التّحمل فوق ما سيتخيل .
قرأت أبيات الشّعر ، ابتسمت للوردة ، أغلقت حاسوبها ، غادرت نحو المطبخ , لتعود بعد برهة , و هي تحمل طبق( الفتوش) الذي طلبه غسّان منها و الذي تَبرع هي في إعداده , فتقوم بتقطيع الخضار بدقة بالغة , ثم تعمل على طلاء الخبز( بصلصتها) المكونة من الليمون , و الزيت البلدي , و الثوم , و رشة من النعناع المجفف , وتزجه في الفرن بعد أن تقطعه إلى مربعات , أو مثلثات , تزين بها الطبق الملون بكل أناقة .
وضعته على الطاولة مع كأس من عصير البرتقال , و طبق من الفطائر المقلية , و سارعت ترتدي فستانها الجديد , و تضع قليلا من أحمر الشفاه , ثم تزيد من كثافة رموشها بقليل من (الماسكرا) ، و ترتدي قرطها الذي تعبت , و أتعبت البائع في البحث عن لونه الذي يطابق لون الفستان تماما .
أعلمها صوت مفتاحه بوصوله , فسارعت لترش عطرها الهادئ , خلف أذنيها , و عند مكان النبض في معصميها , و لتقترب من الباب مرحبة مسلمة ، كان قد وصل عند المائدة , يبتسم للأطباق , عندما دخلت الغرفة :
- كيف حالك ؟
- بخير ، سلمت يداك ، أطباق شهية .
- شكرا .
أسرع يستبدل ملابسه , و جلست مع كوب نعناعها ، و هي تتأمل سروره بأطباقها ، و تستمتع بمتعته , و هو يتناولها بشهية .
أمسك كعادته جهاز التّحكم , و بدأ بتقليب المحطات , مكتفيا بمصافحة بصره – لكل قناة – لثوان معدودات , ثم لينتقل إلى غيرها مسرعا،
مضى الوقت أمام محطّة للأخبار ، ثم غادر غسّان الغرفة ، دون أن يتنبه إلى تطابق لون قرطِها مع لون الفستان , و دون أن يستمع إلى قصة الغريب منها .
عادت إلى كرسيها أمام الحاسوب , فتحت صفحة بريدها الإلكتروني , فتحت الرسالة , ابتسمت للوردة .